المشاركة الأصلية بواسطة zyzy
مشاهدة المشاركة
"...ومما ينكر في هذا الحديث قوله : "ما أبكي شوقا إلى جنتك، و لا خوفا من النار"! فإنها فلسفة صوفية، اشتهرت بها رابعة العدوية، إن صح ذلك عنها ، فقد ذكروا أنها كانت تقول في مناجاتها: "رب ما عبدتك طمعا في جنتك ولا خوفا من نارك". وهذا كلام لا يصدر إلا ممن لم يعرف الله تبارك وتعالى حق معرفته، ولا شعر بعظمته وجلاله، ولا بجوده وكرمه، وإلا لتعبده طمعا فيما عنده من نعيم مقيم، ومن ذلك رؤيته تبارك وتعالى وخوفا مما أعده للعصاة والكفار من الجحيم والعذاب الأليم، ومن ذلك حرمانهم النظر إليه كما قال : (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون)، ولذلك كان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام - وهم العارفون بالله حقا - لا يناجونه بمثل هذه الكلمة الخيالية، بل يعبدونه طمعا في جنته - وكيف لا وفيها أعلى ما تسمو إليه النفس المؤمنة، وهو النظر إليه سبحانه، و رهبة من ناره، و لم لا و ذلك يستلزم حرمانهم من ذلك، ولهذا قال تعالى بعد ذكر نخبة من الأنبياء : (إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين)، ولذلك كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أخشى الناس له، كما ثبت في غير ما حديث صحيح عنه. هذه كلمة سريعة حول تلك الجملة العدوية، التي افتتن بها كثير من الخاصة فضلا عن العامة، وهي في الواقع (كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء)، وكنت قرأت حولها بحثا فياضا ممتعا في "تفسير العلامة ابن باديس" فليراجعه من شاء زيادة بيان
تعليق