Unconfigured Ad Widget

تقليص

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

دعوة لحفظ القرآن الكريم عن طريق المنتدى ........

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الآية رقم ‏(‏71‏)‏


    ‏{‏يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون‏}‏
    اللبس الخلط، وقد تقدم في البقرة‏.‏ ومعنى هذه الآية والتي قبلها معنى ذلك‏.‏ ‏{‏وتكتمون الحق‏{‏ ويجوز ‏{‏تكتموا‏{‏ على جواب الاستفهام‏.‏ ‏{‏وأنتم تعلمون‏{‏ جملة في موضع الحال‏.‏

    الآية رقم ‏(‏72‏)‏


    ‏{‏وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون‏}‏

    نزلت في كعب بن الأشرف ومالك بن الصيف وغيرهما، قالوا للسفلة من قومهم‏:‏ آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار، يعني أوله‏.‏ وسمي وجها لأنه أحسنه، وأول ما يواجه منه أوله‏.‏ قال الشاعر‏:‏

    وتضيء في وجه النهار منيرة كجمانة البحري سل نظامها

    وقال آخر‏:‏

    من كان مسرورا بمقتل مالك فليأت نسوتنا بوجه نهار
    وهو منصوب على الظرف، وكذلك ‏{‏آخره‏{‏‏.‏ ومذهب قتادة أنهم فعلوا ذلك ليشككوا المسلمين‏.‏ والطائفة‏:‏ الجماعة، من طاف يطوف، وقد يستعمل للواحد على معنى نفس طائفة‏.‏ ومعنى الآية أن اليهود قال بعضهم لبعض‏:‏ أظهروا الإيمان بمحمد في أول النهار ثم اكفروا به آخره؛ فإنكم إذا فعلتم ذلك ظهر لمن يتبعه ارتياب في دينه فيرجعون عن دينه إلى دينكم، ويقولون إن أهل الكتاب أعلم به منا‏.‏ وقيل‏:‏ المعنى آمنوا بصلاته في أول النهار إلى بيت المقدس فإنه الحق، واكفروا بصلاته آخر النهار إلى الكعبة لعلهم يرجعون إلى قبلتكم؛ عن ابن عباس وغيره‏.‏ وقال مقاتل‏:‏ معناه أنهم جاؤوا محمدا أول النهار ورجعوا من عنده فقالوا للسفلة‏:‏ هو حق فاتبعوه، ثم قالوا‏:‏ حتى ننظر في التوراة ثم رجعوا في آخر النهار فقالوا‏:‏ قد نظرنا في التوراة فليس هو به‏.‏ يقولون إنه ليس بحق، وإنما أرادوا أن يلبسوا على السفلة وأن يشككوا فيه‏.‏

    أبواسلام.
    كثر المتساهلون فى الدين ، فظهر الملتزمون بصورة المتشددين ، فعلى الملتزمين إختيار الأسلوب الصحيح لتوصيل صحيح الدين لغيرهم باللطف واللين0
    رابطة الجرافيك الدعوى

    تعليق


    • الآية رقم ‏(‏73‏)‏


      ‏{‏ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم‏}‏

      قوله تعالى‏{‏ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم‏{‏ هذا نهي، وهو من كلام اليهود بعضهم لبعض، أي قال ذلك الرؤساء للسفلة‏.‏ وقال السدي‏:‏ من قول يهود خيبر ليهود المدينة‏.‏ وهذه الآية أشكل ما في السورة‏.‏ فروي عن الحسن ومجاهد أن معنى الآية ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم، ولا تؤمنوا أن يحاجوكم عند ربكم لأنهم لا حجة لهم فإنكم أصح منهم دينا‏.‏ و‏{‏أن‏{‏ و‏{‏يحاجوكم‏{‏ في موضع خفض، أي بأن يحاجوكم أي باحتجاجهم، أي لا تصدقوهم في ذلك فإنهم لا حجة لهم‏.‏ ‏{‏أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم‏{‏ من التوراة والمن والسلوى وفرق البحر وغيرها من الآيات والفضائل‏.‏ فيكون ‏{‏أن يؤتى‏{‏ مؤخرا بعد ‏{‏أو يحاجوكم‏{‏، وقوله ‏{‏إن الهدى هدى الله‏{‏ اعتراض بين كلامين‏.‏ وقال الأخفش‏:‏ المعنى ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم ولا تؤمنوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ولا تصدقوا أن يحاجوكم؛ يذهب إلى أنه معطوف‏.‏ وقيل‏:‏ المعنى ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم؛ فالمد على الاستفهام أيضا تأكيد للإنكار الذي قالوه أنه لا يؤتى أحد مثل ما أتوه؛ لأن علماء اليهود قالت لهم‏:‏ لا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم؛ أي لا يؤتى أحد مثل ما أوتيتم؛ فالكلام على نسقه‏.‏ و‏{‏أن‏{‏ في موضع رفع على قول من رفع في قولك أزيد ضربته، والخبر محذوف تقديره أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم تصدقون أو تقرون، أي إيتاء موجود مصدق أو مقر به، أي لا تصدقون بذلك‏.‏ ويجوز أن تكون ‏{‏أن‏{‏ في موضع نصب على إضمار فعل؛ كما جاز في قولك أزيدا ضربته، وهذا أقوى في العربية لأن الاستفهام بالفعل أولى، والتقدير أتقرون أن يؤتى، أو أتشيعون ذلك، أو أتذكرون ذلك ونحوه‏.‏ وبالمد قرأ ابن كثير وابن محيصن وحميد‏.‏ وقال أبو حاتم‏{‏آن‏{‏ معناه ‏{‏ألأن‏{‏، فحذفت لام الجر استخفافا وأبدلت مدة؛ كقراءة من قرأ ‏{‏أن كان ذا مال‏}‏القلم‏:‏ 14‏]‏ أي ألأن‏.‏ وقوله ‏{‏أو يحاجوكم‏{‏ على هذه القراءة رجوع إلى خطاب المؤمنين؛ أو تكون ‏{‏أو‏{‏ بمعنى ‏{‏أن‏{‏ لأنهما حرفا شك وجزاء يوضع أحدهما موضع الآخر‏.‏ وتقدير الآية‏:‏ وأن يحاجوكم عند ربكم يا معشر المؤمنين، فقل‏:‏ يا محمد إن الهدى هدى الله ونحن عليه‏.‏ ومن قرأ بترك المد قال‏:‏ إن النفي الأول دل على إنكارهم في قولهم ولا تؤمنوا‏.‏ فالمعنى أن علماء اليهود قالت لهم‏:‏ لا تصدقوا بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم، أي لا إيمان لهم ولا حجة؛ فعطف على المعنى من العلم والحكمة والكتاب والحجة والمن والسلوى وفلق البحر وغيرها من الفضائل والكرامات، أي أنها لا تكون إلا فيكم فلا تؤمنوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم إلا من تبع دينكم‏.‏ فالكلام فيه تقديم وتأخير على هذه القراءة واللام زائدة‏.‏ ومن استثنى ليس من الأول، وإلا لم يجز الكلام‏.‏ ودخلت ‏{‏أحد‏{‏ لأن أول الكلام نفي، فدخلت في صلة ‏{‏أن‏{‏ لأنه مفعول الفعل المنفي؛ فإن في موضع نصب لعدم الخافض‏.‏ وقال الخليل‏:‏ ‏(‏أن‏)‏ في موضع خفض بالخافض المحذوف‏.‏ وقيل‏:‏ إن اللام ليست بزائدة، و‏{‏تؤمنوا‏{‏ محمول على تُقِرّوا‏.‏ وقال ابن جريج‏:‏ المعنى ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم كراهية أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم‏.‏ وقيل‏:‏ المعنى لا تخبروا بما في كتابكم من صفة محمد صلى الله عليه وسلم إلا لمن تبع دينكم لئلا يكون طريقا إلى عبدة الأوثان إلى تصديقه‏.‏ وقال الفراء‏:‏ يجوز أن يكون قد انقطع كلام اليهود عند قوله عز وجل ‏{‏إلا لمن تبع دينكم‏{‏ ثم قال لمحمد صلى الله عليه وسلم ‏{‏قل إن الهدى هدى الله‏{‏‏.‏ أي إن البيان الحق هو بيان الله عز وجل ‏{‏أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم‏{‏ بين ألا يؤتى أحد مثل ما أوتيتم، و‏{‏لا‏{‏ مقدرة بعد ‏{‏أن‏{‏ أي لئلا يؤتى؛ كقوله ‏{‏يبين الله لكم أن تضلوا‏}‏النساء‏:‏ 176‏]‏ أي لئلا تضلوا، فلذلك صلح دخول ‏{‏أحد‏{‏ في الكلام‏.‏ و‏{‏أو‏{‏ بمعنى ‏{‏حتى‏{‏ و‏{‏إلا أن‏{‏؛ كما قال امرؤ القيس‏:‏

      فقلت له لا تبك عينك إنما نحاول ملكا أو نموت فنعذرا

      وقال آخر‏:‏

      وكنت إذا غمزت قناة قوم كسرت كعوبها أو تستقيما

      ومثله قولهم‏:‏ لا نلتقي أو تقوم الساعة، بمعنى ‏{‏حتى‏{‏ أو ‏{‏إلى أن‏{‏؛ وكذلك مذهب الكسائي‏.‏ وهي عند الأخفش عاطفة على ‏{‏ولا تؤمنوا‏{‏ وقد تقدم‏.‏ أي لا إيمان لهم ولا حجة؛ فعطف على المعنى‏.‏ ويحتمل أن تكون الآية كلها خطابا للمؤمنين من الله تعالى على جهة التثبيت لقلوبهم والتشحيذ لبصائرهم؛ لئلا يشكّوا عند تلبيس اليهود وتزويرهم في دينهم‏.‏ والمعنى لا تصدقوا يا معشر المؤمنين إلا من تبع دينكم، ولا تصدقوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من الفضل والدين، ولا تصدقوا أن يحاجكم في دينكم عند ربكم من خالفكم أو يقدر على ذلك، فإن الهدى هدى الله وإن الفضل بيد الله‏.‏ قال الضحاك‏:‏ إن اليهود قالوا إنا نحاج عند ربنا من خالفنا في ديننا؛ فبين الله تعالى أنهم هم المدحضون المعذبون وأن المؤمنين هم الغالبون‏.‏ ومحاجتهم خصومتهم يوم القيامة‏.‏ ففي الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن اليهود والنصارى يحاجونا عند ربنا فيقولون أعطيتنا أجرا واحدا وأعطيتهم أجرين فيقول هل ظلمتكم من حقوقكم شيئا قالوا لا قال فإن ذلك فضلي أوتيه من أشاء‏)‏‏.‏ قال علماؤنا‏:‏ فلو علموا أن ذلك من فضل الله لم يحاجونا عند ربنا؛ فأعلم الله نبيه صلى الله عليه وسلم أنهم يحاجونكم يوم القيامة عند ربكم، ثم قال‏:‏ قل لهم الآن ‏{‏إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم‏{‏‏.‏ وقرأ ابن كثير ‏{‏آن يؤتى‏{‏ بالمد على الاستفهام؛ كما قال الأعشى‏:‏

      أأن رأت رجلا أعشى أضر به ريب المنون ودهر متبل خبل
      وقرأ الباقون بغير مد على الخبر‏.‏ وقرأ سعيد بن جبير ‏{‏إن يؤتى‏{‏ بكسر الهمزة، على معنى النفي؛ ويكون من كلام الله تعالى كما قال الفراء‏.‏ والمعنى‏:‏ قل يا محمد ‏{‏إن الهدى هدى الله إن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم‏{‏ يعني اليهود - بالباطل فيقولون نحن أفضل منكم‏.‏ ونصب ‏{‏أو يحاجوكم‏{‏ يعني بإضمار ‏{‏أن‏{‏ و‏{‏أو‏{‏ تضمر بعدها ‏{‏أن‏{‏ إذا كانت بمعنى ‏{‏حتى‏{‏ و‏{‏إلا أن‏{‏‏.‏ وقرأ الحسن ‏{‏أن يؤتي‏{‏ بكسر التاء وياء مفتوحة، على معنى أن يؤتي أحد أحدا مثل ما أوتيتم، فحذف المفعول‏.‏

      قوله تعالى‏{‏قل إن الهدى هدى الله‏{‏ فيه قولان‏:‏
      أحدهما‏:‏ إن الهدى إلى الخير والدلالة إلى الله عز وجل بيد الله جل ثناؤه يؤتيه أنبياءه، فلا تنكروا أن يؤتى أحد سواكم مثل ما أوتيتم، فإن أنكروا ذلك فقل لهم‏{‏إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء‏{‏‏.

      والقول الآخر‏:‏ قل إن الهدى هدى الله الذي آتاه المؤمنين من التصديق بمحمد صلى الله عليه وسلم لا غيره‏.‏ وقال بعض أهل الإشارات في هذه الآية‏:‏ لا تعاشروا إلا من يوافقكم على أحوالكم وطريقتكم فإن من لا يوافقكم لا يرافقكم‏.‏ والله أعلم‏.‏
      أبواسلام.
      كثر المتساهلون فى الدين ، فظهر الملتزمون بصورة المتشددين ، فعلى الملتزمين إختيار الأسلوب الصحيح لتوصيل صحيح الدين لغيرهم باللطف واللين0
      رابطة الجرافيك الدعوى

      تعليق


      • الآية رقم ‏(‏74‏)‏


        ‏{‏يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم‏}‏
        أي بنبوته وهدايته؛ عن الحسن ومجاهد وغيرهما‏.‏ ابن جريج‏:‏ بالإسلام والقرآن ‏{‏من يشاء‏{‏‏.‏ قال أبو عثمان‏:‏ أجمل القول ليبقى معه رجاء الراجي وخوف الخائف، ‏{‏والله ذو الفضل العظيم‏{‏‏.‏

        الآية رقم ‏(‏75‏)‏


        ‏{‏ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون‏}‏

        قوله تعالى‏{‏ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك‏{‏ مثل عبدالله بن سلام‏.‏ ‏{‏ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك‏{‏ وهو فنحاص بن عازوراء اليهودي، أودعه رجل دينارا فخانه‏.‏ وقيل‏:‏ كعب بن الأشرف وأصحابه‏.‏ وقرأ ابن وثاب والأشهب العقيلي ‏{‏من إن تيمنه‏{‏ على لغة من قرأ ‏{‏نستعين‏{‏ وهي لغة بكر وتميم‏.‏ وفي حرف عبدالله ‏{‏مالك لا تِيْمَنّا على يوسف‏{‏ والباقون بالألف‏.‏ وقرأ نافع والكسائي ‏{‏يؤدهي‏{‏ بياء في الإدراج‏.‏ قال أبو عبيد‏:‏ واتفق أبو عمرو والأعمش وعاصم وحمزة في رواية أبي بكر على وقف الهاء، فقرؤوا ‏{‏يؤدّهْ إليك‏{‏‏.‏ قال النحاس‏:‏ بإسكان الهاء لا يجوز إلا في الشعر عند بعض النحويين، وبعضهم لا يجيزه البتة ويرى أنه غلط ممن قرأ به، وإنه توهم أن الجزم يقع على الهاء، وأبو عمرو أجل من أن يجوز عليه مثل هذا‏.‏ والصحيح عنه أنه كان يكسر الهاء؛ وهي قراءة يزيد بن القعقاع‏.‏ وقال الفراء‏:‏ مذهب بعض العرب يجزمون الهاء إذا تحرك ما قبلها، يقولون‏:‏ ضربته ضربا شديدا؛ كما يسكنون ميم أنتم وقمتم وأصلها الرفع؛ كما قال الشاعر‏:‏

        لما رأى ألاّ دَعَهْ ولا شِبَعْ مال إلى أرْطاة حِقْف فاضطجع

        وقيل‏:‏ إنما جاز إسكان الهاء في هذا الموضع لأنها وقعت في موضع الجزم وهي الياء الذاهبة‏.‏ وقرأ أبو المنذر سلام والزهري ‏{‏يؤدّهُ‏{‏ بضم الهاء بغير واو‏.‏ وقرأ قتادة وحميد ومجاهد ‏{‏يؤدِّهُو‏{‏ بواو في الإدراج، اختير لها الواو لأن الواو من الشفة والهاء بعيدة المخرج‏.‏ قال سيبويه‏:‏ الواو في المذكر بمنزلة الألف في المؤنث ويبدل منها ياء لأن الياء أخف إذا كان قبلها كسرة أو ياء، وتحذف الياء وتبقى الكسرة لأن الياء قد كانت تحذف والفعل مرفوع فأثبتت بحالها‏.‏

        أخبر تعالى أن في أهل الكتاب الخائن والأمين، والمؤمنون لا يميزون ذلك، فينبغي اجتناب جميعهم‏.‏ وخص أهل الكتاب بالذكر وإن كان المؤمنون كذلك؛ لأن الخيانة فيهم أكثر، فخرج الكلام على الغالب‏.‏ والله أعلم‏.‏ وقد مضى تفسير القنطار‏.‏ وأما الدينار فأربعة وعشرون قيراطا والقيراط ثلاث حبات من وسط الشعير، فمجموعه اثنتان وسبعون حبة، وهو مجمع عليه‏.‏ ومن حفظ الكثير وأداه فالقليل أولى، ومن خان في اليسير أو منعه فذلك في الكثير أكثر‏.‏ وهذا أدل دليل على القول بمفهوم الخطاب‏.‏ وفيه بين العلماء خلاف كثير مذكور في أصول الفقه‏.‏ وذكر تعالى قسمين‏:‏ من يؤدّي ومن لا يؤدّي إلا بالملازمة عليه؛ وقد يكون من الناس من لا يؤدِّي وإن دمت عليه قائما‏.‏ فذكر تعالى القسمين لأنه الغالب والمعتاد والثالث نادر؛ فخرج الكلام على الغالب‏.‏ وقرأ طلحة بن مصرف وأبو عبدالرحمن السلمي وغيرهما ‏{‏دمت‏{‏ بكسر الدال وهما لغتان، والكسر لغة أزْد السَّراة؛ من ‏{‏دِمْت تدام‏{‏ مثل خفت تخاف‏.‏ وحكى الأخفش دِمت تدوم، شاذا‏.‏

        استدل أبو حنيفة على مذهبه في ملازمة الغريم بقوله تعالى‏{‏إلا ما دمت عليه قائما‏{‏ وأباه سائر العلماء، وقد تقدم في البقرة‏.‏ وقد استدل بعض البغداديين من علمائنا على حبس المِديان بقوله تعالى‏{‏ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما‏{‏ فإذا كان له ملازمته ومنعه من التصرف، جاز حبسه‏.‏ وقيل‏:‏ إن معنى ‏{‏إلا ما دمت عليه قائما‏{‏ أي بوجهك فيهابك ويستحي منك، فان الحياء في العينين؛ ألا ترى إلى قول ابن عباس رضي الله عنه‏:‏ لا تطلبوا من الأعمى حاجة فإن الحياء في العينين‏.‏ وإذا طلبت من أخيك حاجة فانظر إليه بوجهك حتى يستحي فيقضيها‏.‏ ويقال‏{‏قائما‏{‏ أي ملازما له؛ فإن أنظرته أنكرك‏.‏ وقيل‏:‏ أراد بالقيام إدامة المطالبة لا عين القيام‏.‏ والدينار أصله دِنّار فعوضت من إحدى النونين ياء طلبا للتخفيف لكثرة استعماله‏.‏ يدل عليه أنه يجمع دنانير ويصغر دُنَيْنير‏.‏

        الأمانة عظيمة القدر في الدين، ومن عظم قدرها أنها تقوم هي والرحم على جَنَبَتَي الصراط؛ كما في صحيح مسلم‏.‏ فلا يمكن من الجواز إلا من حفظهما‏.‏ وروى مسلم عن حذيفة قال‏:‏ حدثنا النبي صلى الله عليه وسلم عن رفع الأمانة، قال‏:‏ ‏(‏ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه‏)‏ الحديث‏.‏ وقد تقدم بكماله أول البقرة‏.‏ وروى ابن ماجة حدثنا محمد بن المصفى حدثنا محمد بن حرب عن سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن أبي شجرة كثير بن مرة عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏إن الله عز وجل إذا أراد أن يهلك عبدا نزع منه الحياء فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا مقيتا ممقتا فإذا لم تلقه إلا مقيتا ممقتا نزعت منه الأمانة فإذا نزعت منه الأمانة لم تلقه إلا خائنا مخونا فإذا لم تلقه إلا خائنا مخونا نزعت منه الرحمة فإذا نزعت منه الرحمة لم تلقه إلا رجيما ملعنا فإذا لم تلقه إلا رجيما ملعنا نزعت منه رِبْقة الإسلام‏)‏‏.‏ وقد مضى في البقرة معنى قوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك‏)‏‏.‏ والله أعلم‏.‏

        ليس في هذه الآية تعديل لأهل الكتاب ولا لبعضهم خلافا لمن ذهب إلى ذلك؛ لأن فساق المسلمين يوجد فيهم من يؤدي الأمانة ويؤمن على المال الكثير ولا يكونون بذلك عدولا‏.‏ فطريق العدالة والشهادة ليس يجزئ فيه أداء الأمانة في المال من جهة المعاملة والوديعة؛ ألا ترى قولهم‏{‏ليس علينا في الأميين سبيل‏}‏آل عمران‏:‏ 75‏]‏ فكيف يعدل من يعتقد استباحة أموالنا وحريمنا بغير حرج عليه؛ ولو كان ذلك كافيا في تعديلهم لسمعت شهادتهم على المسلمين‏.‏

        قوله تعالى‏{‏ذلك بأنهم قالوا‏{‏ يعني اليهود ‏{‏ليس علينا في الأميين سبيل‏{‏ قيل‏:‏ إن اليهود كانوا إذا بايعوا المسلمين يقولون‏:‏ ليس علينا في الأميين سبيل - أي حرج في ظلمهم - لمخالفتهم إيانا‏.‏ وادعوا أن ذلك في كتابهم؛ فأكذبهم الله عز وجل ورد عليهم فقال‏{‏بلى‏{‏ أي بلى عليهم سبيل العذاب بكذبهم واستحلالهم أموال العرب‏.‏ قال أبو إسحاق الزجاج‏:‏ وتم الكلام‏.‏ ثم قال‏{‏من أوفى بعهده واتقى‏}‏آل عمران‏:‏ 76‏]‏‏.‏ ويقال‏:‏ إن اليهود كانوا قد استدانوا من الأعراب أموالا فلما أسلم أرباب الحقوق قالت اليهود‏:‏ ليس لكم علينا شيء، لأنكم تركتم دينكم فسقط عنا دَينكم‏.‏ وادّعوا أنه حكم التوراة فقال الله تعالى‏{‏بلى‏{‏ ردا لقولهم ‏{‏ليس علينا في الأميين سبيل‏{‏‏.‏ أي ليس كما تقولون، ثم استأنف فقال‏{‏من أوفى بعهده واتقى‏{‏ الشرك فليس من الكاذبين بل يحبه الله ورسوله‏.‏

        قال رجل لابن عباس‏:‏ إنا نصيب في العمد من أموال أهل الذمة الدجاجة والشاة ونقول‏:‏ ليس علينا في ذلك بأس‏.‏ فقال له‏:‏ هذا كما قال أهل الكتاب ‏{‏ليس علينا في الأميين سبيل‏{‏ إنهم إذا أدوا الجزية لم تحل لكم أموالهم إلا عن طيب أنفسهم؛ ذكره عبدالرازق عن معمر عن أبي إسحاق الهمداني عن صعصعة أن رجلا قال لابن عباس؛ فذكره‏.‏
        قوله تعالى‏{‏ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون‏{‏ يدل على أن الكافر لا يُجعل أهلا لقبول شهادته؛ لأن الله تعالى وصفه بأنه كذاب‏.‏ وفيه رد عل الكفرة الذين يحرمون ويحللون غير تحريم الله وتحليله ويجعلون ذلك من الشرع‏.‏ قال ابن العربي‏:‏ ومن هذا يخرج الرد على من يحكم بالاستحسان من غير دليل، ولست أعلم أحدا من أهل القبلة قاله‏.‏ وفي الخبر‏:‏ لما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏ما شيء كان في الجاهلية إلا وهو تحت قدمي إلا الأمانة فإنها مؤداة إلى البر والفاجر‏)‏‏.‏
        أبواسلام.
        كثر المتساهلون فى الدين ، فظهر الملتزمون بصورة المتشددين ، فعلى الملتزمين إختيار الأسلوب الصحيح لتوصيل صحيح الدين لغيرهم باللطف واللين0
        رابطة الجرافيك الدعوى

        تعليق


        • بسم الله الرحمن الرحيم



          مرحبا بكم جميعا أيها الأخوة والأخوات..



          لطالما كانت لدي رغبةً وحلماً كبيرين في



          حفظ كتاب الله مع أحباب الله ..



          والحمد لله .. قد سهل ربي لي ذلك..



          كم هو السرور الذي يعتريني بعودتي إليكم



          ورؤيتي كل هذه الجهود .. جعله الله تعالى في موازين



          الجبال الثقال من أعمالكم عند رب الأنام .. الذي ليس كمثله شي..



          اللهم آمين


          _______



          "وما تنفقوا من شيءٍ فإن الله به عليم"



          صدق الله العظيم..

          لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
          المسافر راح

          تعليق


          • تم الحفظ الى الآية "70"
            اللهم وفقنا لحفظ القرأن و العمل به



            بأبي أنت وأمي يا رسول الله



            فدتك نجد و طيبة ومكة وأرض الأسراء


            اللهم احشرني مع نبيك يوم يكون اللقاء


            اجمل شئ في الحياة حينما تكتشف اناس قلوبهم مثل اللؤلؤ المكنون في الرقة والبريق والنقاء قلوبهم مثل افئدة الطير
            اللهم اني احبهم فيك

            لك نصحي وما عليك جدالي ........وافة النصح ان يكون جدال

            دعوة لحفظ القرآن الكريم عن طريق المنتدى









            تعليق


            • أنا معاكم بس أنا أرجع بس لاني حافظ الحمد لله 20 جزء بس مفيش مانع إني أراجع معاكم .....شكرا على الموضوع الجميل ده
              في سؤال للأخت ملكة أنت مسؤولة صناع الحياه بالمملكة؟

              تعليق


              • السلام عليكم

                حياكم الله ، و جزيتم خيراً ،

                الأخ الجرح : لقد اشتركت في منتدى صناع الحياة و لكني منذ فترة طويلة لم أدخل باسمي للمنتدى و قد أكون نسيت كلمة المرور ، أما سؤالك : فلست مسئولة صناع الحياة بالمملكة ...
                اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها
                و أجرنا من خزي الدنيا و عذاب الآخرة
                .

                الجنة لا خطر ( مثيل ) لها ، هي و رب الكعبة
                نور يتلألأ
                و ريحانة تهتز
                و قصر مشيد ...




                تعليق



                • السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

                  يوم السبت

                  سورة آل عمران

                  الآيات 76 - 80

                  أعوذ بالله من الشيطان الرجيم












                  لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك و له الحمد يحي و يميت و هو على كل شيء قدير




                  .
                  اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها
                  و أجرنا من خزي الدنيا و عذاب الآخرة
                  .

                  الجنة لا خطر ( مثيل ) لها ، هي و رب الكعبة
                  نور يتلألأ
                  و ريحانة تهتز
                  و قصر مشيد ...




                  تعليق


                  • الآية رقم ‏(‏76‏)‏


                    ‏{‏بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين‏}‏
                    ‏{‏من‏{‏ رفع بالابتداء وهو شرط‏.‏ و‏{‏أوفى‏{‏ في موضع جزم‏.‏ و‏{‏اتقى‏{‏ معطوف عليه، أي واتقى الله ولم يكذب ولم يستحل ما حُرِّم عليه‏.‏ ‏{‏فإن الله يحب المتقين‏{‏ أي يحب أولئك‏.‏ وقد تقدم معنى حب الله لأوليائه‏.‏ والهاء في قوله ‏{‏بعهده‏{‏ راجعة إلى الله عز وجل‏.‏ وقد جرى ذكره في قوله ‏{‏ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون‏{‏ ويجوز أن تعود على الموفى ومتقي الكفر والخيانة ونقض العهد‏.‏ والعهد مصدر يضاف إلى الفاعل والمفعول‏.‏

                    الآية رقم ‏(‏77‏)‏


                    ‏{‏إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم‏}‏

                    روى الأئمة عن الأشعث بن قيس قال‏:‏ كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني فقدمته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏هل لك بينة‏)‏‏؟‏ قلت لا، قال لليهودي‏:‏ ‏(‏احلف‏)‏ قلت‏:‏ إذا يحلف فيذهب بمالي؛ فأنزل الله تعالى‏{‏إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا‏{‏ إلى آخر الآية‏.‏ وروى الأئمة أيضا عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة‏)‏‏.‏ فقال له رجل‏:‏ وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏وإن كان قضيبا من أراك‏)‏‏.‏ وقد مضى في البقرة معنى ‏{‏لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم‏{‏‏.‏
                    ودلت هذه الآية والأحاديث أن حكم الحاكم لا يحل المال في الباطن بقضاء الظاهر إذا علم المحكوم له بطلانه؛ وقد‏"‏روى الأئمة عن أم سلمة قالت‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إنكم تختصمون إلي وإنما أنا بشر ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض وإنما أقضي بينكم على نحو مما أسمع منكم فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها يوم القيامة‏)‏‏.‏ وهذا لا خلاف فيه بين الأئمة، وإنما ناقض أبو حنيفة وغلا وقال‏:‏ إن حكم الحاكم المبني على الشهادة الباطلة يحل الفرج لمن كان محرما عليه؛ كما تقدم في البقرة‏.‏ وزعم أنه لو شهد شاهدا زور على رجل بطلاق زوجته وحكم الحاكم بشهادتهما فإن فرجها يحل لمتزوجها ممن يعلم أن القضية باطل‏.‏ وقد شُنّع عليه بإعراضه عن هذا الحديث الصحيح الصريح، وبأنه صان الأموال ولم ير استباحتها بالأحكام الفاسدة، ولم يصن الفروج عن ذلك، والفروج أحق أن يحتاط لها وتصان‏.‏ وسيأتي بطلان قوله في آية اللعان إن شاء الله تعالى‏.‏

                    الآية رقم ‏(‏78‏)‏


                    ‏{‏وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون‏}‏

                    يعني طائفة من اليهود‏.‏ ‏{‏يلوون ألسنتهم بالكتاب‏{‏ وقرأ أبو جعفر وشيبة ‏{‏يلَوُّون‏{‏ على التكثير‏.‏ إذا أماله؛ ومنه والمعنى يحرفون الكلم ويعدلون به عن القصد‏.‏ وأصل اللّيّ الميل‏.‏ لوى بيده، ولوى برأسه قوله تعالى‏{‏ليا بألسنتهم‏}‏النساء‏:‏ 46‏]‏ أي عنادا عن الحق وميلا عنه إلى غيره‏.‏ ومعنى ‏{‏ولا تلوون على أحد‏}‏آل عمران‏:‏ 153‏]‏ أي لا تعرجون عليه؛ يقال لوى عليه إذا عرج وأقام‏.‏ واللّي المَطْل‏.‏ لواه بدَينه يَلْوِيه ليًّا ولِيانا مَطَله‏.‏ قال‏:‏

                    قد كنت داينت بها حسانا مخافة الإفلاس والليانا

                    يحسن بيع الأصل والعيانا


                    وقال ذو الرمة‏:‏

                    تريدين لياني وأنت ملية وأحسن يا ذات الوشاح التقاضيا
                    وفي الحديث ‏(‏لَيُّ الواجد يحل عرضه وعقوبته‏)‏‏.‏ وألسنة جمع لسان في لغة من ذكّر، ومن أنّث قال ألسن‏.‏
                    أبواسلام.
                    كثر المتساهلون فى الدين ، فظهر الملتزمون بصورة المتشددين ، فعلى الملتزمين إختيار الأسلوب الصحيح لتوصيل صحيح الدين لغيرهم باللطف واللين0
                    رابطة الجرافيك الدعوى

                    تعليق


                    • الآية رقم ‏(‏79‏)‏


                      ‏{‏ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون‏}‏

                      قوله‏{‏ما كان‏{‏ معناه ما ينبغي؛ كما قال‏{‏وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ‏}‏النساء‏:‏ 92‏]‏ و‏{‏ما كان لله أن يتخذ من ولد‏}‏مريم‏:‏ 35‏]‏‏.‏ و‏{‏ما يكون لنا أن نتكلم بهذا‏}‏النور‏:‏ 16‏]‏ يعني ما ينبغي‏.‏ والبشر يقع للواحد والجمع لأنه بمنزلة المصدر؛ والمراد به هنا عيسى في قول الضحاك والسدي‏.‏ والكتاب‏:‏ القرآن‏.‏ والحكم‏:‏ العلم والفهم‏.‏ وقيل أيضا‏:‏ الأحكام‏.‏ أي إن الله لا يصطفي لنبوته الكَذَبة، ولو فعل ذلك بشر لسلبه الله آيات النبوة وعلاماتها‏.‏ ونصب ‏{‏ثم يقول‏{‏ على الاشتراك بين ‏{‏أن يؤتيه‏{‏ وبين ‏{‏يقول‏{‏ أي لا يجتمع لنبي إتيان النبوة وقوله‏{‏كونوا عبادا لي من دون الله‏{‏‏.‏ ‏{‏ولكن كونوا ربانيين‏{‏ أي ولكن جائز أن يكون النبي يقول لهم كونوا ربانيين‏.‏ وهذه الآية قيل إنها نزلت في نصارى نجران‏.‏ وكذلك روي أن السورة كلها إلى قوله ‏{‏وإذ غدوت من أهلك‏}‏آل عمران‏:‏121‏]‏ كان سبب نزولها نصارى نجران ولكن مزج معهم اليهود؛ لأنهم فعلوا من الجحد والعناد فعلهم‏.‏

                      والربانين واحدهم رباني منسوب إلى الرب‏.‏ والرباني الذي يُرَبّي الناس بصغار العلم قبل كباره؛ وكأنه يقتدي بالرب سبحانه في تيسير الأمور؛ روي معناه عن ابن عباس‏.‏ قال بعضهم‏:‏ كان في الأصل ربي فأدخلت الألف والنون للمبالغة؛ كما يقال للعظيم اللحية‏:‏ لِحْيانِيّ ولعظيم الجمة جماني ولغليظ الرقبة رَقَبانيّ‏.‏ وقال المبرد‏:‏ الربانيون أرباب العلم، واحدهم ربان، من قولهم‏:‏ رَبَّه يَرُبّه فهو رَبان إذا دبره وأصلحه؛ فمعناه على هذا يدبرون أمور الناس ويصلحونها‏.‏ والألف والنون للمبالغة كما قالوا ريّان وعطشان، ثم ضمت إليها ياء النسبة كما قيل‏:‏ لحياني ورقباني وجماني‏.‏ قال الشاعر‏:‏

                      لو كنت مرتهنا في الجو أنزلني منه الحديث ورباني أحباري

                      فمعنى الرباني العالم بدين الرب الذي يعمل بعلمه؛ لأنه إذا لم يعمل بعلمه فليس بعالم‏.‏ وقد تقدم هذا المعنى في البقرة‏:‏ وقال أبو رزين‏:‏ الرباني هو العالم الحكيم‏.‏ وروى شعبة عن عاصم عن زر عن عبدالله بن مسعود ‏{‏ولكن كونوا ربانيين‏{‏ قال‏:‏ حكماء علماء‏.‏ ابن جبير‏:‏ حكماء أتقياء‏.‏ وقال الضحاك‏:‏ لا ينبغي لأحد أن يدع حفظ القرآن جهده فإن الله تعالى يقول‏{‏ولكن كونوا ربانيين‏{‏‏.‏ وقال ابن زيد‏:‏ الربانيون الولاة، والأحبار العلماء‏.‏ وقال مجاهد‏:‏ الربانيون فوق الأحبار‏.‏ قال النحاس‏:‏ وهو قول حسن؛ لأن الأحبار هم العلماء‏.‏ والرباني الذي يجمع إلى العلم البصر بالسياسة؛ مأخوذ من قول العرب‏:‏ رَبّ أمرَ الناس يَرُبّه إذا أصلحه وقام به، فهو راب ورباني على التكثير‏.‏ قال أبو عبيدة‏:‏ سمعت عالما يقول‏:‏ الرباني العالم بالحلال والحرام والأمر والنهي، العارف بأنباء الأمة وما كان وما يكون‏.‏ وقال محمد بن الحنفية يوم مات ابن عباس‏:‏ اليوم مات رباني هذه الأمة‏.‏ وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏ما من مؤمن ذكر ولا أنثى حر ولا مملوك إلا ولله عز وجل عليه حق أن يتعلم من القرآن ويتفقه في دينه - ثم تلا هذه الآية - ‏{‏ولكن كونوا ربانيين‏{‏ الآية‏.‏ رواه ابن عباس‏.‏
                      قوله تعالى‏{‏بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون‏{‏ قرأه أبو عمرو وأهل المدينة بالتخفيف من العلم‏.‏ واختار هذه القراءة أبو حاتم‏.‏ قال أبو عمرو‏:‏ وتصديقها ‏{‏تَدْرُسون‏{‏ ولم يقل ‏{‏تُدَرّسون‏{‏ بالتشديد من التدريس‏.‏ وقرأ ابن عامر وأهل الكوفة ‏{‏تُعلّمون‏{‏ بالتشديد من التعليم؛ واختارها أبو عبيد‏.‏ قال‏:‏ لأنها تجمع المعنيين ‏{‏تعلمون، وتدرسون‏{‏‏.‏ قال مكي‏:‏ التشديد أبلغ، لأن كل معلم عالم بمعنى يعلم وليس كل من عَلِمَ شيئا مُعَلِّما، فالتشديد يدل على العلم والتعليم، والتخفيف إنما يدل على العلم فقط، فالتعليم أبلغ وأمدح وغيره أبلغ في الذم‏.‏ احتج من رجح قراءة التخفيف بقول ابن مسعود ‏{‏كونوا ربانيين‏{‏ قال‏:‏ حكماء علماء؛ فيبعد أن يقال كونوا فقهاء حكماء علماء بتعليمكم‏.‏ قال الحسن، كونوا حكماء علماء بعلمكم‏.‏ وقرأ أبو حيوة ‏{‏تُدرِسون‏{‏ من أدرس يُدرس‏.‏ وقرأ مجاهد ‏{‏تعلمون‏{‏ بفتح التاء وتشديد اللام، أي تتعلمون‏.‏

                      الآية رقم ‏(‏80‏)‏


                      ‏{‏ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون‏}‏
                      قرأ ابن عامر وعاصم وحمزة بالنصب عطفا على ‏{‏أن يؤتيه‏{‏‏.‏ ويقويه أن اليهود قالت للنبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ أتريد أن نتخذك يا محمد ربا‏؟‏ فقال الله تعالى‏{‏ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة - إلى قوله‏:‏ ولا يأمركم‏{‏‏.‏ وفيه ضمير البشر، أي ولا يأمركم البشر يعني عيسى وعزيرا‏.‏ وقرأ الباقون بالرفع على الاستئناف والقطع من الكلام الأول، وفيه ضمير اسم الله عز وجل، أي ولا يأمركم الله أن تتخذوا‏.‏ ويقوي هذه القراءة أن في مصحف عبدالله ‏{‏ولن يأمركم‏{‏ فهذا يدل على الاستئناف، والضمير أيضا لله عز وجل؛ ذكره مكي، وقاله سيبويه والزجاج‏.‏ وقال ابن جريج وجماعة‏:‏ ولا يأمركم محمد عليه السلام‏.‏ وهذه قراءة أبي عمرو والكسائي وأهل الحرمين‏.‏ ‏{‏أن تتخذوا‏{‏ أي بأن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا‏.‏ وهذا موجود في النصارى يعظمون الأنبياء والملائكة حتى يجعلوهم لهم أربابا‏.‏ ‏{‏أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون‏{‏ على طريق الإنكار والتعجب؛ فحرم الله تعالى على الأنبياء أن يتخذوا الناس عبادا يتألهون لهم ولكن ألزم الخلق حرمتهم‏.‏ وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏لا يقولن أحدكم عبدي وأمتي وليقل فتاي وفتاتي ولا يقل أحدكم ربي وليقل سيدي‏)‏‏.‏ وفي التنزيل ‏{‏اذكرني عند ربك‏}‏يوسف‏:‏ 42‏]‏‏.‏ وهناك يأتي بيان هذا المعنى إن شاء الله تعالى‏.‏
                      أبواسلام.
                      كثر المتساهلون فى الدين ، فظهر الملتزمون بصورة المتشددين ، فعلى الملتزمين إختيار الأسلوب الصحيح لتوصيل صحيح الدين لغيرهم باللطف واللين0
                      رابطة الجرافيك الدعوى

                      تعليق



                      • السلام عليكم

                        يوم الأحــد

                        سورة آل عــمـران

                        الآيات 81 - 85

                        أعوذ بالله من الشيطان الرجيم












                        رضينا بالله رباً و بالاسلام ديناً و بمحمد صلى الله عليه و سلم نبياً و رسولاً






                        .
                        اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها
                        و أجرنا من خزي الدنيا و عذاب الآخرة
                        .

                        الجنة لا خطر ( مثيل ) لها ، هي و رب الكعبة
                        نور يتلألأ
                        و ريحانة تهتز
                        و قصر مشيد ...




                        تعليق


                        • الآية رقم ‏(‏81‏)‏


                          ‏{‏وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين‏}‏

                          قيل‏:‏ أخذ الله تعالى ميثاق الأنبياء أن يصدق بعضهم بعضا ويأمر بعضهم بالإيمان بعضا؛ فذلك معنى النصرة بالتصديق‏.‏ وهذا قول سعيد بن جبير وقتادة وطاوس والسدي والحسن، وهو ظاهر الآية‏.‏ قال طاوس‏:‏ أخذ الله ميثاق الأول من الأنبياء أن يؤمن بما جاء به الآخر‏.‏ وقرأ ابن مسعود ‏{‏وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب‏}‏آل عمران‏:‏ 187‏]‏‏.‏ قال الكسائي‏:‏ يجوز أن يكون ‏{‏وإذ أخذ الله ميثاق النبيين‏{‏ بمعنى وإذ أخذ الله ميثاق الذين مع النبيين‏.‏ وقال البصريون‏:‏ إذا أخذ الله ميثاق النبيين فقد أخذ ميثاق الذين معهم؛ لأنهم قد اتبعوهم وصدقوهم‏.‏ و‏{‏ما‏{‏ في قوله ‏{‏لما‏{‏ بمعنى الذي‏.‏ قال سيبويه‏:‏ سألت الخليل بن أحمد عن قوله عز وجل‏{‏وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة‏{‏ فقال‏:‏ لما بمعنى الذي‏.‏ قال النحاس‏:‏ التقدير على قول الخليل للذي آتيتكموه، ثم حذف الهاء لطول الاسم‏.‏ و‏{‏الذي‏{‏ رفع بالابتداء وخبره ‏{‏من كتاب وحكمة‏{‏‏.‏ و‏{‏من‏{‏ لبيان الجنس‏.‏ وهذا كقول القائل‏:‏ لزيد أفضل منك؛ وهو قول الأخفش أنها لام الابتداء‏.‏ قال المهدوي‏:‏ وقوله ‏{‏ثم جاءكم‏{‏ وما بعده جملة معطوفة على الصلة، والعائد منها على الموصول محذوف؛ والتقدير ثم جاءكم رسول مصدق به‏.‏

                          قوله تعالى‏{‏ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه‏{‏ الرسول هنا محمد صلى الله عليه وسلم في قول علي وابن عباس رضي الله عنهما‏.‏ واللفظ وإن كان نكرة فالإشارة إلى معين؛ كقوله تعالى‏{‏وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة‏{‏ إلى قوله‏{‏ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه‏}‏النحل‏:‏ 112 - 113‏]‏ فأخذ الله ميثاق النبيين أجمعين أن يؤمنوا بمحمد عليه السلام وينصروه إن أدركوه، وأمرهم أن يأخذوا بذلك الميثاق على أممهم‏.‏ واللام من قوله ‏{‏لتؤمنن به‏{‏ جواب القسم الذي هو أخذ الميثاق، إذ هو بمنزلة الاستحلاف‏.‏ وهو كما تقول في الكلام‏:‏ أخذت ميثاقك لتفعلن كذا، كأنك قلت استحلفك، وفصل بين القسم وجوابه بحرف الجر الذي هو ‏{‏لما‏{‏ في قراءة ابن كثير على ما يأتي‏.‏ ومن فتحها جعلها متلقية للقسم الذي هو أخذ الميثاق‏.‏ واللام في ‏{‏لتؤمنن به‏{‏ جواب قسم محذوف، أي والله لتؤمنن به‏.‏ وقال المبرد والكسائي والزجاج‏{‏ما‏{‏ شرط دخلت عليها لام التحقيق كما تدخل على إن، ومعناه لمهما آتيتكم؛ فموضع ‏{‏ما‏{‏ نصب، وموضع ‏{‏آتيتكم‏{‏ جزم، و‏{‏ثم جاءكم‏{‏ معطوف عليه، ‏{‏لتؤمنن به‏{‏ اللام في قوله ‏{‏لتؤمنن به‏{‏ جواب الجزاء؛ كقوله تعالى‏{‏ولئن شئنا لنذهبن‏}‏الإسراء‏:‏ 86‏]‏ ونحوه‏.‏ وقال الكسائي‏:‏ لتؤمنن به معتمد القسم فهو متصل بالكلام الأول، وجواب الجزاء قوله ‏{‏فمن تولى بعد ذلك‏}‏آل عمران‏:‏ 82‏]‏‏.‏ ولا يحتاج على هذا الوجه إلى تقدير عائد‏.‏ وقرأ أهل الكوفة ‏{‏لما آتيتكم‏{‏ بكسر اللام، وهي أيضا بمعنى الذي وهي متعلقة بأخذ، أي أخذ الله ميثاقهم لأجل الذي آتاهم من كتاب وحكمة ثم إن جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به من بعد الميثاق؛ لأن أخذ الميثاق في معنى الاستحلاف كما تقدم‏.‏ قال النحاس‏:‏ ولأبي عبيدة في هذا قول حسن‏.‏ قال‏:‏ المعنى وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتؤمنن به لما آتيتكم من ذكر التوراة‏.‏ وقيل‏:‏ في الكلام حذف، والمعنى إذ أخذ الله ميثاق النبيين لتعلمن الناس لما جاءكم من كتاب وحكمة، ولتأخذن على الناس أن يؤمنوا‏.‏ ودل على هذا الحذف ‏{‏وأخذتم على ذلكم إصري‏{‏‏.‏ وقيل‏:‏ إن اللام في قوله ‏{‏لما‏{‏ في قراءة من كسرها بمعنى بعد، يعني بعد ما آتيتكم من كتاب وحكمة؛ كما قال النابغة‏:‏

                          توهمت آيات لها فعرفتها لستة أعوام وذا العام سابع

                          أي بعد ستة أعوام‏.‏ وقرأ سعيد بن جبير ‏{‏لما‏{‏ بالتشديد، ومعناه حين آتيتكم‏.‏ واحتمل أن يكون أصلها التخفيف فزيدت ‏{‏من‏{‏ على مذهب من يرى زيادتها في الواجب فصارت لمن ما، وقلبت النون ميما للإدغام فاجتمعت ثلاث ميمات فحذفت الأولى منهن استخفافا‏.‏ وقرأ أهل المدينة ‏{‏آتيناكم‏{‏ على التعظيم‏.‏ والباقون ‏{‏آتيتكم‏{‏ على لفظ الواحد‏.‏ ثم كل الأنبياء لم يؤتوا الكتاب وإنما أوتي البعض، ولكن الغلبة للذين أوتوا الكتاب‏.‏ والمراد أخذ ميثاق جميع الأنبياء فمن لم يؤت الكتاب فهو في حكم من أوتي الكتاب لأنه أوتي الحكم والنبوة‏.‏ وأيضا من لم يؤت الكتاب أمر بأن يأخذ بكتاب من قبله فدخل تحت صفة من أوتي الكتاب‏.‏
                          قوله تعالى‏{‏قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا‏{‏ ‏{‏أقررتم‏{‏ من الإقرار، والإصر والأصر لغتان، وهو العهد‏.‏ والإصر في اللغة الثقل؛ فسمي العهد إصرا لأنه منع وتشديد‏.‏ ‏{‏قال فاشهدوا‏{‏ أي اعلموا؛ عن ابن عباس‏.‏ الزجاج‏:‏ بينوا لأن الشاهد هو الذي يصحح دعوى المدعي‏.‏ وقيل‏:‏ المعنى اشهدوا أنتم على أنفسكم وعلى أتباعكم‏.‏ ‏{‏وأنا معكم من الشاهدين‏{‏ عليكم وعليهم‏.‏ وقال سعيد بن المسيب‏:‏ قال الله عز وجل للملائكة فاشهدوا عليهم، فتكون كناية عن غير مذكور‏.‏

                          الآية رقم ‏(‏82‏)‏


                          ‏{‏فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون‏}‏
                          قوله‏{‏من‏{‏ شرط‏.‏ فمن تولى من أمم الأنبياء عن الإيمان بعد أخذ الميثاق ‏{‏فأولئك هم الفاسقون‏{‏ أي الخارجون عن الإيمان‏.‏ والفاسق الخارج‏.‏ وقد تقدم‏.‏

                          الآية رقم ‏(‏83 ‏:‏84‏)‏


                          ‏{‏أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون، قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون‏}‏

                          قوله تعالى‏{‏أفغير دين الله يبغون‏{‏ قال الكلبي‏:‏ إن كعب بن الأشرف وأصحابه اختصموا مع النصارى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ أينا أحق بدين إبراهيم‏؟‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏كلا الفريقين بريء من دينه‏)‏‏.‏ فقالوا‏:‏ ما نرضى بقضائك ولا نأخذ بدينك؛ فنزل ‏{‏أفغير دين الله يبغون‏{‏ يعني يطلبون‏.‏ ونصبت ‏{‏غير‏{‏ بيبغون، أي يبغون غير دين الله‏.‏ وقرأ أبو عمرو وحده ‏{‏يبغون‏{‏ بالياء على الخبر ‏{‏وإليه ترجعون‏{‏ بالتاء على المخاطبة‏.‏ قال‏:‏ لأن الأول خاص والثاني عام ففرق بينهما لافتراقهما في المعنى‏.‏ وقرأ حفص وغيره ‏{‏يبغون، ويرجعون‏{‏ بالياء فيهما؛ لقوله‏{‏فأولئك هم الفاسقون‏{‏‏.‏ وقرأ الباقون بالتاء فيهما على الخطاب؛ لقوله ‏{‏لما آتيتكم من كتاب وحكمة‏{‏‏.‏ والله أعلم‏.‏
                          قوله تعالى‏{‏وله أسلم‏{‏ أي استسلم وانقاد وخضع وذل، وكل مخلوق فهو منقاد مستسلم؛ لأنه مجبول عل ما لا يقدر أن يخرج عنه‏.‏ قال قتادة‏:‏ أسلم المؤمن طوعا والكافر عند موته كرها ولا ينفعه ذلك؛ لقوله‏{‏فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا‏}‏المؤمن‏:‏ 85‏]‏‏.‏ قال مجاهد‏:‏ إسلام الكافر كرها بسجوده لغير الله وسجود ظله لله، ‏{‏أو لم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون‏}‏النحل‏:‏ 48‏]‏ ‏{‏ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال‏}‏الرعد‏:‏ 15‏]‏‏.‏ وقيل‏:‏ المعنى أن الله خلق الخلق على ما أراد منهم؛ فمنهم الحسن والقبيح والطويل والقصير والصحيح والمريض وكلهم منقادون اضطرارا، فالصحيح منقاد طائع محب لذلك؛ والمريض منقاد خاضع وإن كان كارها‏.‏ والطوع الانقياد والارتباع (1) بسهولة‏.‏ والكره ما كان بمشقة وإباء من النفس‏.‏ و‏{‏طوعا وكرها‏{‏ مصدران في موضع الحال، أي طائعين ومكرهين‏.‏ وروى أنس بن مالك قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل‏{‏وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها‏{‏ قال‏:‏ ‏(‏الملائكة أطاعوه في السماء والأنصار وعبدالقيس في الأرض‏)‏‏.‏ وقال عليه السلام‏:‏ ‏(‏لا تسبوا أصحابي فإن أصحابي أسلموا من خوف الله وأسلم الناس من خوف السيف‏)‏‏.‏ وقال عكرمة‏{‏طوعا‏{‏ من أسلم من غير محاجة ‏{‏وكرها‏{‏ من اضطرته الحجة إلى التوحيد‏.‏ يدل عليه قوله عز وجل‏{‏ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله‏}‏الزخرف‏:‏ 87‏]‏ ‏{‏ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله‏}‏العنكبوت‏:‏ 63‏]‏‏.‏ قال الحسن‏:‏ هو عموم معناه الخصوص‏.‏ وعنه‏{‏أسلم من في السماوات‏{‏ وتم الكلام‏.‏ ثم قال‏{‏والأرض طوعا وكرها‏{‏‏.‏ قال‏:‏ والكاره المنافق لا ينفعه عمله‏.‏ و‏{‏طوعا وكرها‏{‏ مصدران في موضع الحال‏.‏ عن مجاهد عن ابن عباس قال‏:‏ إذا استصعبت دابة أحدكم أو كانت شموسا فليقرأ في أذنها هذه الآية‏{‏أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها‏{‏ إلى آخر الآية‏.‏

                          الآية رقم ‏(‏85‏)‏


                          ‏{‏ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين‏}‏
                          قوله‏{‏غير‏{‏ مفعول بيبتغ، ‏{‏دينا‏{‏ منصوب على التفسير، ويجوز أن ينتصب دينا بيبتغ، وينتصب ‏{‏غير‏{‏ على أنه حال من الدين‏.‏ قال مجاهد والسدي‏:‏ نزلت هذه الآية في الحارث بن سويد أخو الحلاس بن سويد، وكان من الأنصار، ارتد عن الإسلام هو واثنا عشر معه ولحقوا بمكة كفارا، فنزلت هذه الآية، ثم أرسل إلى أخيه يطلب التوبة‏.‏ وروي ذلك عن ابن عباس وغيره‏.‏ قال ابن عباس‏:‏ وأسلم بعد نزول الآيات‏.‏ ‏{‏وهو في الآخرة من الخاسرين‏{‏ قال هشام‏:‏ أي وهو خاسر في الآخرة من الخاسرين؛ ولولا هذا لفرقت بين الصلة والموصول‏.‏ وقال المازني‏:‏ الألف واللام مثلها في الرجل‏.‏ وقد تقدم هذا في البقرة عند قوله‏{‏وإنه في الآخرة لمن الصالحين‏}‏البقرة‏:‏ 130‏]‏‏.‏
                          أبواسلام.
                          كثر المتساهلون فى الدين ، فظهر الملتزمون بصورة المتشددين ، فعلى الملتزمين إختيار الأسلوب الصحيح لتوصيل صحيح الدين لغيرهم باللطف واللين0
                          رابطة الجرافيك الدعوى

                          تعليق


                          • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                            اليوم الإثنين
                            الآيات
                            86-90
                            (*كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {86} أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ {87} خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ {88} إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ {89} إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الضَّآلُّونَ {90}*)
                            أبواسلام.
                            كثر المتساهلون فى الدين ، فظهر الملتزمون بصورة المتشددين ، فعلى الملتزمين إختيار الأسلوب الصحيح لتوصيل صحيح الدين لغيرهم باللطف واللين0
                            رابطة الجرافيك الدعوى

                            تعليق


                            • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                              التفسير

                              الآية رقم ‏(‏86‏)‏


                              ‏{‏كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين‏}‏

                              قال ابن عباس‏:‏ إن رجلا من الأنصار أسلم ثم ارتد ولحق بالشرك ثم ندم؛ فأرسل إلى قومه‏:‏ سلوا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم هل لي من توبة‏؟‏ فجاء قومه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ هل له من توبة‏؟‏ فنزلت ‏{‏كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم‏{‏ إلى قوله‏{‏غفور رحيم‏}‏آل عمران‏:‏ 89‏]‏0 فأرسل إليه فأسلم‏.‏ أخرجه النسائي‏.‏ وفي رواية‏:‏ أن رجلا من الأنصار ارتد فلحق بالمشركين، فأنزل الله ‏{‏كيف يهدي الله قوما كفروا‏{‏ إلى قوله‏{‏إلا الذين تابوا‏}‏آل عمران‏:‏ 89‏]‏ فبعث بها قومه إليه، فلما قرئت عليه قال‏:‏ والله ما كذبني قومي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أكذبت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله، والله عز وجل أصدق الثلاثة؛ فرجع تائبا، فقبل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركه‏.‏ وقال الحسن‏:‏ نزلت في اليهود لأنهم كانوا يبشرون بالنبي صلى الله عليه وسلم ويستفتحون على الذين كفروا؛ فلما بعث عاندوا وكفروا، فأنزل الله عز وجل‏{‏أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين‏}‏آل عمران‏:‏ 87‏]‏‏.‏ ثم قيل‏{‏كيف‏{‏ لفظة استفهام ومعناه الجحد، أي لا يهدي الله‏.‏ ونظيره قوله‏{‏كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله‏}‏التوبة‏:‏ 7‏]‏ أي لا يكون لهم عهد؛ وقال الشاعر‏:‏

                              كيف نومي على الفراش ولما يشمل القوم غارة شعواء
                              أي لا نوم لي‏.‏ ‏{‏والله لا يهدي القوم الظالمين‏{‏ يقال‏:‏ ظاهر الآية أن من كفر بعد إسلامه لا يهديه الله ومن كان ظالما، لا يهديه الله؛ وقد رأينا كثيرا من المرتدين قد أسلموا وهداهم الله، وكثيرا من الظالمين تابوا عن الظلم‏.‏ قيل له‏:‏ معناه لا يهديهم الله ما داموا مقيمين على كفرهم وظلمهم ولا يُقبِلون على الإسلام؛ فأما إذا أسلموا وتابوا فقد وفقهم الله لذلك‏.‏ والله تعالى أعلم‏.‏

                              الآية رقم ‏(‏87‏:‏ 88‏: 89)‏


                              ‏{‏ أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون، إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم‏}‏
                              أي إن داموا على كفرهم‏.‏ وقد تقدم معنى لعنة الله والناس في ‏(‏البقرة‏)‏ فلا معنى لإعادته‏.‏ ‏{‏ولا هم ينظرون‏{‏ أي لا يؤخرون ولا يؤجلون، ثم استثنى التائبين فقال‏{‏إلا الذين تابوا‏{‏ هو الحارث بن سويد كما تقدم‏.‏ ويدخل في الآية بالمعنى كل من راجع الإسلام وأخلص‏.‏

                              الآية رقم ‏(‏90‏)‏


                              ‏{‏إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون‏}‏
                              قال قتادة وعطاء الخراساني والحسن‏:‏ نزلت في اليهود كفروا بعيسى والإنجيل، ثم ازدادوا كفرا بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن‏.‏ وقال أبو العالية‏:‏ نزلت في اليهود والنصارى كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد إيمانهم بنعته وصفته ‏{‏ثم ازدادوا كفرا‏{‏ بإقامتهم على كفرهم‏.‏ وقيل‏{‏ازدادوا كفرا‏{‏ بالذنوب التي اكتسبوها‏.‏ وهذا اختيار الطبري، وهي عنده في اليهود‏.‏ ‏{‏لن تقبل توبتهم‏{‏ مشكل لقوله‏{‏وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات‏}‏الشورى‏:‏ 25‏]‏ فقيل‏:‏ المعنى لن تقبل توبتهم عند الموت‏.‏ قال النحاس‏:‏ وهذا قول حسن؛ كما قال عز وجل‏{‏وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن‏}‏النساء‏:‏ 18‏]‏‏.‏ وروي عن الحسن وقتادة وعطاء‏.‏ وقد قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر‏)‏‏.‏ وسيأتي في ‏{‏النساء‏{‏ بيان هذا المعنى‏.‏ وقيل‏{‏لن تقبل توبتهم‏{‏ التي كانوا عليها قبل أن يكفروا؛ لأن الكفر قد أحبطها‏.‏ وقيل‏{‏لن تقبل توبتهم‏{‏ إذا تابوا من كفرهم إلى كفر آخر؛ وإنما تقبل توبتهم إذا تابوا إلى الإسلام‏.‏ وقال قطرب‏:‏ هذه الآية نزلت في قوم من أهل مكة قالوا‏:‏ نتربص بمحمد ريب المنون، فإن بدا لنا الرجعة رجعنا إلى قومنا‏.‏ فأنزل الله تعالى‏{‏إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم‏{‏ أي لن تقبل توبتهم وهم مقيمون على الكفر؛ فسماها توبة غير مقبولة؛ لأنه لم يصح من القوم عزم، والله عز وجل يقبل التوبة كلها إذا صح العزم‏.‏

                              أبواسلام.
                              كثر المتساهلون فى الدين ، فظهر الملتزمون بصورة المتشددين ، فعلى الملتزمين إختيار الأسلوب الصحيح لتوصيل صحيح الدين لغيرهم باللطف واللين0
                              رابطة الجرافيك الدعوى

                              تعليق


                              • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                                اليوم الثلاثاء
                                الآيات من
                                91-100
                                (* إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ {96} فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ {97} قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَاللّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ {98} قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنتُمْ شُهَدَاء وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ {99} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ {100}‏ *)
                                أبواسلام.
                                كثر المتساهلون فى الدين ، فظهر الملتزمون بصورة المتشددين ، فعلى الملتزمين إختيار الأسلوب الصحيح لتوصيل صحيح الدين لغيرهم باللطف واللين0
                                رابطة الجرافيك الدعوى

                                تعليق

                                يعمل...
                                X